السبت 19 أبريل 2025 4:20:42
حرب فنية كبرى بدت توتراتها في الأفق بين الولايات الأمريكية والصين جراء قرارات الرسوم الجمركية التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي سيكون الخاسر الأكبر فيها هو حلم هوليوود الجديد وصناعة السينما بها، والتي رسمت مخططاتها المستقبلية على شباك التذاكر الصيني كونه بات الدجاجة التي تبيض ذهبا للأفلام الأمريكية ونجومها، لدرجة أنهم يفضلون افتتاح إنتاجهم الضخم بالمدن الصينية لما لها من تأثير كبير على أرباح هوليوود وسوقًا حيوية لصناعة السينما الأمريكية.. المشكلة الجديدة تأتي في ظل أن تلك الصناعة لا تزال تحاول التعافي من الإضطرابات العمالية المتتالية والإغلاق الذي دام قرابة عامين بسبب جائحة “كوفيد -19” الذي مازال تأثيره مستمرا.
الواقع أن الفيلم الأمريكي المتوسط يحقق نحو 10% من إجمالي إيراداته من السوق الصينية في شباك التذاكر، في حين لم يكن فيلم “A Minecraft Movie” مجرد فيلم ضخم في الولايات المتحدة، بل تصدر أيضًا قوائم الأفلام في الصين في نهاية الأسبوع الماضي.
في العام الماضي، كان فيلم “جودزيلا ضد كونج” واحدًا من أعلى 10 أفلام من حيث الإيرادات في الصين، حيث حقق ما يقرب من نفس الإيرادات التي حققها في الولايات المتحدة.
لكن ماذا نتج عن قرارات ترامب التي وصفت بالعشوائية وتأثير الرسوم الجمركية على هوليوود؟
كل التوقعات تشير إلى فرض حظر محتمل على الأفلام الأمريكية، وأن الصين اتخذت خطوة “تخفيض معتدل” لعرض أفلام هوليوود بدور العرض في السوق الصينية، في أحدث جبهة في الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، وردًا على رسوم ترامب الجمركية.
الإدارة الوطنية للسينما في الصين أعلنت أن الأفلام الأمريكية ستقل شعبيتها بعد أن فرضت واشنطن رسومًا جمركية بنسبة 145% على الواردات الصينية.
وربطت الإدارة الوطنية للسينما في الصين قرارها مباشرةً بالرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الصينية، والتي رفعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى 145% قالت “إن الخطوة الخاطئة التي اتخذتها الحكومة الأمريكية بإساءة استخدام الرسوم الجمركية على الصين ستؤدي حتمًا إلى تراجع استحسان الجمهور المحلي للأفلام الأمريكية سنلتزم بقواعد السوق، ونحترم خيارات الجمهور، ونخفض بشكل معتدل عدد الأفلام الأمريكية المستوردة”.
لم يكن القرار مفاجئًا على الأرجح للمراقبين، الذين توقعوا أن تستهدف الصين هوليوود ردًا على الرسوم الجمركية الأمريكية المتزايدة.
وفي احصائية جديدة، تستقبل الصين 100 أفلام سنويًا من هوليوود، وكان يُنظر إلى السوق الصينية سابقًا على أنها مصدر رئيسي لإيرادات صناعة السينما الأمريكية.
لكن في السنوات الأخيرة، تراجعت شعبية الأفلام الغربية، حيث لم تعد أفلام هوليوود تمثل سوى 5% من إيرادات شباك التذاكر في الصين، وفقاً لكريس فينتون، مؤلف كتاب “تغذية التنين: داخل معضلة التريليون دولار التي تواجه هوليوود، ودوري كرة السلة الأميركي، والأعمال التجارية الأميركية”.
وصرح فينتون إن الرسالة التي وجهتها الصين لصناعة السينما الأمريكية ستكون واضحةً للغاية، نظرًا للقوة الثقافية الرمزية التي تتمتع بها هذه الصناعة.. إن هذا العقاب البارز لهوليوود هو لفتة قوية من بكين، ستلاحظها واشنطن بالتأكيد”.
ولا يزال من غير الواضح كيف سيؤثر القرار على الإصدارات المرتقبة بشدة والتي من المقرر أن تصدر في وقت لاحق من هذا العام، مثل فيلم Mission Impossible – The Final Reckoning” - مهمة مستحيلة - الحساب الأخير” إنتاج “باراماونت”، وأحدث أفلام “سوبرمان” إنتاج “وارنر براذرز”، ونسخة أخرى من فيلم “The Fantastic Four” إنتاج “مارفل”.
وفيلم “مارفل” الصيفي “صواعق” بتقنية آيماكس شارون واكسمان، رئيسة تحرير مجلة “ذا راب”، التي تتناول اعتماد هوليوود على مبيعات التذاكر الدولية، صرحت إن “أثنين من المدونين البارزين المرتبطين بالحزب الرئيسي في الصين اقترحوا أن الصين قد تفكر في وضع حظر على أفلام هوليوود التي يتم عرضها في الصين كاجراءات انتقامية تندخل حيز التنفيذ قريبا الحظر المحتمل له صلات وثيقة بالمؤسسة الإعلامية الصينية الرسمية ، حيث اعلنت إدارة الأفلام الصينية إنها سوف “تخفض بشكل معتدل” عدد الأفلام الأمريكية التي تستوردها إلى البلاد، ردا على التعريفات الجمركية الجديدة.
وأكدت “إن الإجراء الخاطئ المتمثل في الرسوم الجمركية العشوائية التي فرضتها حكومة الولايات المتحدة على الصين من شأنه أن يقلل بشكل أكبر من الانطباع الإيجابي لدى الجمهور المحلي عن الأفلام الأمريكية وفق رؤية قومية”.
وما يقلق العاملين في هوليوود هو احتمال حدوث تراجع لا محالة، سيقل عدد رواد السينما لو كانوا يذهبون، وقد تقلّ خدمة البث لديهم بواحدة.
مونيك وايت، نائبة الرئيس التنفيذي لشركة “كاليفورنيا بيكتشرز”، وهي شركة توزيع أفلام مستقلة، قالت إن خسارة الاستوديوهات لإيراداتها من سوق ضخمة قد تؤثر على الإنتاج مستقبلًا.
هذا يعني أن ميزانياتهم سوف تضطر إلى الانخفاض لأنهم لن يروا تلك الأموال تخرج من الصين، وإذا كان ما يحدث في الصين سيحدث في أوروبا وأستراليا وأي دولة أخرى، فسوف تضطر هذه الميزانيات إلى الضغط بشكل أكبر.
على الطرف الآخر، يسخر دونالد ترامب الذي تعرض لانتقادات من العديد من المشاهير في هوليوود بسبب سياساته من الصين بسبب تقليص عدد الأفلام الأمريكية المسموح بعرضها في البلاد وسط دراما التعريفات الجمركية، وقال أنه غير منزعج من القرار الذي اتخذته الصين بإستهداف صناعة السينما، “أعتقد أنني سمعت أشياء أسوأ”.
وتتربع هوليوود حاليًا على قمة شباك التذاكر في الصين بفضل النجاح الكبير لفيلم “ماينكرافت” الذي حقق إيرادات هائلة بلغت 313 مليون دولار خلال عطلة نهاية الأسبوع الافتتاحية العالمية، وكان “ماينكرافت” أول فيلم أمريكي يتفوق على فيلم الرسوم المتحركة الصيني “ني تشا 2” الذي حقق نجاحًا باهرًا في البلاد محققًا ملياري و110 دولار في 10 أسابيع.
صرح متحدث باسم “آيماكس” لمجلة “فارايتي”: “يسرنا أن إدارة الأفلام الصينية أوضحت موقفها بشأن واردات الأفلام الأمريكية، ونحن على ثقة تامة - بالنظر إلى عقود من العمل وعلاقاتنا القوية في البلاد - بأن قائمة آيماكس القوية في الصين، والتي تشمل أفلامًا من هوليوود والصين والعالم، لن تتأثر بشكل ملموس، ونتوقع عامًا قويًا لـ(آيماكس) في الصين، بعد تحقيقنا أعلى إيرادات في الربع الأول على الإطلاق في البلاد”.
“نعم.. يتم جر هوليوود إلى الحرب التجارية التي يشنها الرئيس دونالد ترامب بعد أن صعّد الرسوم الجمركية على الواردات الصينية”، قالت آن سارنوف، الرئيسة التنفيذية السابقة لـ”وارنر براذرز” أصبحت السوق الصينية تشكل تحديًا كبيرًا بالنسبة للاستوديوهات الأمريكية، وكانت أسعار الإيجار بنسبة 25% أقل بكثير من الأسواق الأخرى، وعلى مدار الفترة الأخيرة أصبح من الصعب للغاية عرض فيلمك في السوق الصينية..
ويبدو أن الجمهور أصبح يعطي الأولوية للأفلام الصينية المحلية.
وهذا يؤثر تأثيرًا بالغًا على اقتصادات الاستوديوهات الأمريكية، ففي السابق، كانت تعتمد على السوق الصينية لتعزيز أرباح الأفلام، أما الآن، فعندما تُجري الاستوديوهات تقديرات مالية لفيلم ما، فإنها تُقلل كثيرًا، أو في بعض الحالات، تُقلل تمامًا، من توقعاتها لشباك التذاكر الصيني.
إن انتهاء اتفاقية الأفلام بين الولايات المتحدة والصين في عام 2017، والتي كانت تضمن إصدار 34 فيلماً أميركياً سنوياً في الصين، لم يساعد، كما تقول أين كوكاس، أستاذة في جامعة فيرجينيا ومؤلفة كتاب “هوليوود صنع في الصين”.
خلال الحرب التجارية الأولى التي خاضتها إدارة ترامب مع الصين، كان التركيز منصبًّا على التفاوض التجاري في العديد من القطاعات الأخرى، ولم تكن الأفلام السينمائية تحظى باهتمام كبير، وخلال تلك الفترة، بدأ شباك التذاكر في الصين ينمو بسرعة، كما يقول كوكاس.
وأضافت أن السوق المحلية لصناعة الأفلام في الصين شهدت نموا مع زيادة التكنولوجيا الأكثر تطورا، والتي أنتجت أفلاما ناجحة خاصة بالسوق
في عام 2019، حققت 9 عناوين هوليوودية أكثر من 100 مليون دولار في شباك التذاكر الصيني، مع “ديزني” وفيلم “المنتقمون: نهاية اللعبة” من “مارفل”، الذي حصد أكثر من 600 مليون دولار من المنطقة.